قصة المبراه وقلم الرصاص






في حقيبة مدرسية.. اجتمعت مبراة وقلم رصاص..

ابتعد القلم عن المبراة قليلاً لا يريد أنْ يكلمها، ولم يكن يريد حتى أنْ يراها..

ابتعد إلى زاوية الحقيبة ولصق نفسه بجدارها الجلدي يسلّي نفسه بذكرياته الجميلة
عندما كان قلماً كاملاً.. لم تمسّه شفرات المبراة الحادة.

كانت الحقيبة تتحرك بخفة على ظهر تلميذ صغير يسير متجهاً نحو مدرسته..
 وتمايل الطفل قليلاً وقفز فوق حفرة صغيرة تجمعت فيها مياه المطر..
اهتزت الحقيبة بقوة فتدحرجت المبراة والتقت وجهاً لوجه مع القلم.

ودار حوار بينهما..

القلم: ابتعدي عني أيَّتها المبراة القاسية القلب.

المبراة: سمعاً وطاعة.. لكنْ لماذا تقول إنّي قاسية القلب؟

القلم: انظري كم أصبحت قصيراً بسببك.. بعد أنْ كانت قامتي طويلة شامخة..
فأنت تقطعين طولي بشفرتك الحادة..

قالت: نعم يا صديقي.. أعترف بذلك.. لكنها الطريقة الوحيدة
لأساعد صديقي التلميذ على الكتابة والرسم والتعبير..

أجابها بحزن وغضب: ألا تدركين أنّك بهذه الطريقة تقتليني شيئاً فشيئاً..
وعمّا قليل سأختفي من الوجود..

تقترب منه المِبراة وتقول بحنان: لا يا أخي القلم.. ما فائدتَك إذا لم يكتب بك التلميذ؟؟
وما فائدتي أنا إنْ لم أقم بدوري رغم أن استخدام شفرتي يقرب موتي وانتهائي أنا أيضاً..

يجبيها بحزن ورفض لما تقوله بعد أنْ يبتعد عنها قليلاً:

ماذا تقولين؟

إلا تفهمين أنني أذوب تحت شفرتك الحادة وأفنى؟؟

ألا تقدرين مشاعري وإحساسي؟

تقول بابتسامة وبنظرة عطف ومحبة: لا يا أخي.. أنت لا تذوب ولا تفنى.

ثم تتأمل المبراة عيني القلم..

تبتسم ابتسامة لطيفة حنونة وتقول: انظر يا أخي كم كتب بواسطتك التلميذ..
وكم دون ورسم وشارك أصدقاءه أفكاره؟ وكم ساعدته أنت على النجاح والتفوق؟

وقالت بعد لحظات من الصمت والتأمل:

ألا يعني كل ذلك أنّك تفنى من أجل الآخرين؟ ثمّ إنّ رصاصك منتشر
في كل دفاتر وأوراق تلميذنا النجيب.. واللوحات التي رسمها بواسطتك..
كلها موضوعة في أماكن جميلة في مدرسته وفي بيته.. ألا يسعدك ذلك؟
فلولا شفرتي ورأسك الحاد وأنامل التلميذ لبقيت عوداً خشبياً لا قيمة له..
ولم تنجز كل هذه الأعمال الرائعة..

نظر القلم الرصاص إلى الأرض ولم يتكلم.. ثم تأمل دفاتر التلميذ وكتبه..
 وتذكر بعدها كل لحظات المرح التي قضاها التلميذ بالكتابة والرسم..

فكر قليلاً ثم قال:


كلامك صحيح أيتها المبراة الذكية.. ما أجمل أنْ أكون قلماً؟ وما أجمل
 أن يستخدمني الأطفال؟ من اليوم وصاعداً لن أغضب منك مرة أخرى..
وما رأيك الآن أنْ أقرّب رأسي من شفرتك لأنّ التلميذ يكاد يصل إبى المدرسة
وسيحتاجني فور وصوله..

تضحك المِبراة وتشع عيناها سعادة.. ثم تضم القلم إلى صدرها بحنان..
وتبدأ بإعداده استعداداً لوصول التلميذ إلى فصله..